م. باهر يعيش
يضحكون على الذّقون عندما يستعملون عبارة (تَغَيُّر مناخي)؛ لوصف التغيّرات الصارخة في طبيعة مناخ الأرض. لا نقول مناخ الكون؛ فمناخ الكون ما حول الأرض وباستثنائها؛ خُلِق هكذا نظيفا صافيا بعيدا عن التّلوث بفعل البني آدم.
كانت الدّنيا على الأرض. .بحارا وماء زلالا وأشجارا ومخلوقات لا أجمل. زاد خلق البني آدم. تزاوجوا تناكحوا.. ازدادت أعدادهم؛ فقطعوا الثمار والأغصان وحرقوها واستعملوا الزيت الذي خلقه المولى لوقايتهم من البرد والحرّ، وباستعماله في التنقل برا بحرا جوا. أنشأوا المصانع والمفاعلات وأطلقوا دغام حريقهم وسخامه في الجو البكر فعكّروه...(غيّروا المناخ).
المناخ يا سادة؛ ليس كائنا حيًا يتغيّر أو يغيّر نفسه حتى نتهمه بالتغيير فنقول في لغتنا العاميّة (إتغيّر الطّقس)، ومن هنا نشأ زورا وبهتانا تعبير (التَغيُّر المناخي).
هم البني آدم هناااك في الدّول (العُظمى) ذوات المراتب العليا من الثراء، بل من التّطوّر في العلوم في الفنون في الصناعة الزراعة و...الدمار. قادة العالم ودهاقنة النفوذ والقوّة. من تفننوا في اختراع وسائل لإراحة مواطنيهم على حساب سيّدتنا الطبيعة. أرادوا راحتهم على حساب بقية شعوب الأرض وثرواتهم الحرجية والمائية؛ فأحرقوا الغابات وزيوت الأرض ليملأوا هواء الحياة بنتاج محروقاتهم، غازات مصانعهم معاملهم، يعلم الله ما هو نتاجها. قطعوا الأشجار التي خلقها الله متنفّسا يصفّي من خلالها الهواء من ناتج التنفّس من أكسيد الكربو?، تأخذه تعالجه وتطلقه أكسجينا نقيا يحيي العباد. اخترعوا أسلحة الدمار الشامل وأجروا التجارب على الخلق فيها ليصلوا بالقتل لأشدّه، بالدمار لأوسعه وأعمّه، استعملوا مياه البحار لطرح نفاياتهم كيماوية وكلّ ما فيها سموم (قتلوا الأسماك والأحياء المائية). هم سبب تغيير المناخ. هم تغيّروا إلى الأسوأ. هم يخرّبون بيوتهم وبيوت غيرهم بأيديهم.
ارتفعت درجة حرارة الجو إلى حد بات غليان الدّم، دم البني آدم ممنهجا. يتضح في أمراض كثيرة وأوبئة، لم يكن يعرفها أجداده ممّن لم تصل درجة السوء في نياتهم وأخلاقهم هذا المسار. من كانوا يحترمون الشّجر والحيوان...يحبونه يعيشون به ومعه. وانخفضت درجات الحرارة إلى حدّ تجمّدت فيها الآآآه في صدر الفقير في برد لم يعهده.
غضبت الطبيعة، حذّرت أبناءها. هي كالأمّ تحذّر ابنها...قبل العقاب. أعطت إشارات غضبها من خلال الزلازل والدمار و(تسونامي البحار) هنا وهناك، والفيضانات من أمطار غزيرة في غير مواعيدها. لم يرتدع هؤلاء الكبار في دمار الكون. ردّت الطبيعة بالمثل. وعندما تغضب الطبيعة فلن يردّ غضبها إنسان لأنّه جزء صغير من مكوّناتها على ما أكرم الله بني آدم من خصال لم يمنحها لغيره. عمّت الحرائق بالآلاف غابات الأرض احتجاجا على هؤلاء، فدرجات الحرارة التي أوجدوها فيها، قلبت التوازن بين الجوّ والمخلوق. لم تعد دودة الأرض تتحمل ولا ورق ال?ّجر ولا النمل أو النحل. حُرقت المنازل والإنسان والحيوان والشّجر، عاش الإنسان نتاج عمله حرّا شديدا وبردا قارسا لم يعتد عليه. لم يعد بمقدرة هذا الإنسان الذي أنكر نعمة الله عليه أن يطفئها. وسادت الأوبئة ...والعياذ بالله حدودا لم تك معروفة من قبل.
اتقوا غضب الحليم.. هي الطبيعة التي نعيش فيها.. هي الأم.. هي الحياة.